تختلف إدارة الجودة التقليدية عن إدارة الجودة الشاملة في الفلسفة والتنفيذ وطرق القياس. في إدارة الجودة التقليدية، يوجه المشرفون الموظفين نحو الأهداف قصيرة المدى للمنظمة، في حين تسعى إدارة الجودة الشاملة لتحقيق رضا العملاء وتحقيق النجاح على المدى الطويل بمشاركة جميع أعضاء المنظمة من أدنى موظف إلى أعلى مسؤول تنفيذي.
الجودة التي تحددها الشركة مقابل الجودة التي يحددها العميل:
في إدارة الجودة التقليدية، تقوم الشركة بتحديد معايير الجودة الخاصة بها وتقييم ما إذا كان المنتج مقبولًا بناءً على تلك المعايير. أما في إدارة الجودة الشاملة، فإن العملاء هم الذين يحددون جودة المنتج. يمكن للشركة تعديل معاييرها أو تدريب موظفيها أو مراجعة عملياتها، ولكن إذا لم يكن العملاء راضين، فإن المنتج لا يُعتبر ذو جودة عالية.
التأكيد على المدى القصير مقابل النجاح على المدى الطويل:
تركز إدارة الجودة التقليدية على تحقيق الأهداف قصيرة المدى، مثل عدد المنتجات المنتجة أو الأرباح المحققة خلال فترة زمنية قصيرة. بينما تركز إدارة الجودة الشاملة على التحسينات طويلة الأمد في عمليات الإنتاج وتحقيق رضا العملاء المستمر.
تحسين الأفراد مقابل تحسين العمليات:
في حال وجود عيوب في إدارة الجودة التقليدية، يتم تحديد المسؤولين عنها ومعاقبتهم. أما في إدارة الجودة الشاملة، فيعمل المديرون والموظفون معًا على تحسين الجودة من خلال تحسين العمليات المستخدمة في الإنتاج.
إدارة الخوف مقابل التحفيز بالمكافآت:
تعتمد إدارة الجودة التقليدية على السلطة والإكراه، حيث يستخدم المديرون الخوف كوسيلة لتحفيز الموظفين وتهديدهم بالعقوبات أو الفصل. على النقيض، توفر إدارة الجودة الشاملة الفرص للموظفين لتحسين مهاراتهم وتكافئهم على تحقيق الأهداف الفردية والتنظيمية.
مساءلة القلة مقابل مسؤولية الجميع:
في الإدارة التقليدية، يتحمل فقط الموظفون المشاركون بشكل مباشر في الإنتاج مسؤولية جودة المنتج. أما في إدارة الجودة الشاملة، فإن جميع أفراد المؤسسة، بما في ذلك المديرين التنفيذيين، يتحملون مسؤولية جودة المنتجات.
التصرف بناءً على الغرائز مقابل اتخاذ القرار بناءً على الحقائق:
في إدارة الجودة التقليدية، يعتمد حل المشكلات على معرفة ومهارات وغرائز المشرفين والموظفين. بينما في إدارة الجودة الشاملة، يعتمد اتخاذ القرارات وحل المشكلات على البيانات الموضوعية ومشاركة فرق العمل المتعددة.
العزلة مقابل التعاون:
في إدارة الجودة التقليدية، يكون لكل موظف دور محدد يتم تحديده من قبل المشرف. بينما تشمل إدارة الجودة الشاملة التعاون بين المديرين والموظفين في بيئة عمل تكاملية تتضمن تعدد الأدوار والمسؤوليات.
مكافحة الحرائق مقابل التحسين المستمر:
تتطلب إدارة الجودة التقليدية إعادة إنتاج أي منتج معيب وحل المشكلات عند ظهورها. في المقابل، تركز إدارة الجودة الشاملة على القضاء على الهدر وزيادة الكفاءات لتحقيق الإنتاج الصحيح من المرة الأولى وتعزيز التحسين المستمر للعمليات وحل المشكلات بشكل منهجي.
التدريب والتطوير المستمر مقابل التدريب المحدود:
في إدارة الجودة التقليدية، يتميز التدريب بأنه غالبًا ما يكون محدودًا، حيث يركز على إكساب الموظفين المهارات الأساسية اللازمة لأداء وظائفهم الحالية، دون تطوير مستمر لتلبية احتياجات العمل المتطورة. على النقيض من ذلك، تركز إدارة الجودة الشاملة على التدريب والتطوير المستمرين، مما يحفز الموظفين على اكتساب مهارات جديدة وتوسيع قدراتهم بشكل دوري. هذا النهج لا يعزز فقط من روح الابتكار والإبداع، بل يساهم أيضًا في تحسين العمليات وزيادة رضا العملاء على المدى الطويل.
تلخص الفروق بين إدارة الجودة التقليدية وإدارة الجودة الشاملة تطور مفهوم الجودة وكيفية تعامل المؤسسات معها. بينما تعتمد الإدارة التقليدية على نهج صارم ومحدد يركز على الأهداف قصيرة المدى مثل ربحية قصيرة الأجل، تبرز الإدارة الشاملة أهمية الرؤية الاستراتيجية الطويلة المدى وتفاعل جميع أفراد المنظمة في تحقيق جودة عالية تلبي توقعات العملاء. من خلال التركيز على التحسين المستمر والتطوير الدائم، يمكن للمؤسسات، مثل تلك التي تطبق معايير ISO 9001، تحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والإنتاجية ورضا العملاء. إن تبني إدارة الجودة الشاملة لا يعد مجرد تغيير في الإجراءات، بل هو تحول في ثقافة المؤسسة يسمح بالتعاون والمشاركة الفعالة بين جميع المستويات، مما يؤدي إلى نتائج مستدامة في تحسين الجودة العامة للمنتجات والخدمات المقدمة.
التقييم والتغذية الراجعة المستمرة
تعتبر عملية التقييم والتغذية الراجعة المستمرة أحد أهم عناصر إدارة الجودة الشاملة، حيث تساهم في تحسين الأداء الفردي والجماعي داخل المؤسسة. على عكس إدارة الجودة التقليدية التي قد تركز على تقييم النتائج النهائية فقط، تتيح إدارة الجودة الشاملة إجراء تقييمات دورية تشمل تقديم تغذية راجعة للبنية التحتية للعملية والإجراءات المتبعة.
تتمثل أهمية التقييم في اكتشاف المشكلات قبل تفاقمها، مما يسهل اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات والتحليل الصحيح. التغذية الراجعة المستمرة لا تقتصر فقط على تقديم المعلومات من المديرين إلى الموظفين، بل تشجع على الحوار المفتوح، حيث يمكن للموظفين أيضًا تقديم ملاحظاتهم واستفساراتهم، مما يعزز من ثقافة التحسين المستمر. هذه الممارسات تساهم في رفع مستوى مشاركة جميع الأفراد، سواء كانوا مدراء أو موظفين، وتعزز من شعورهم بالانتماء والمسؤولية تجاه جودة العمل المقدم.
إن دمج التقييم والتغذية الراجعة ضمن الثقافة المؤسسية يشجع على التعلم والتكيف، مما يؤدي إلى تحسين عمليات الإنتاج والخدمات المقدمة، ورفع مستوى رضا العملاء. من خلال إنشاء أنظمة لإدارة الأداء وتطوير مؤشرات قياس فعالة، يمكن للمؤسسات ضمان استمرارية تحسين الجودة وتعزيز قدرتها التنافسية في السوق.